السبت، 21 مايو 2022

الكتابة والكاتب



كثيرا ما تساؤلت عن الكاتب والكتابة عن حقيقة العلاقة بينهما خصوصا عندما اجد ان البعض يقرأ فيكتب وكأنه يتخذ ما قرأ نموذجا فيكتب مثله فتضيع هويته وتظهر هوية الكاتب الحقيقية ولان الناس لم تعد تقرأ كالسابق فيظنون انه الكاتب الحقيقي وان ما كتبه يعبر عن ثقافته وصوته المتفرد... وهكذا كثير من الكتاب الذين صادفتهم وعندما اكتشف الحقيقية اجد هناك اشكالية في تقبل هذه المحاكاة التي تشكل في الاساس سرقة لكنها بلا معالم واضحة في بعض الاحيان لمن لا يهمه حقيقة الكتابة خصوصا ونحن في زمن اصبحت الكتابة سهلة  خصوصا لغياب النقد وسهولة  في النشر السريع والمجاملات الفارغة التي اصبحت مقومات عالمنا المعاصر....

هناك ايضا الكاتب البسيط الذي تظهر بساطته جلية في كتابته ولكن يجد من يعظم هذه الكتابة ممن لا يعرفون قيمة الكلمة بشكل جيد ولا يميزون بين الاصناف الادبية ولا بين الاسلوب ولا يعرفون الا انهم لا يستطيعون الكتابة وان هذه الكتابة اعلى من مستواهم المعدوم في الاساس... وهؤلاء يساهمون بتحويل الكاتب البسيط الى انسان متكبر يظن نفسه فعلا كاتب ويستحق هذه اللقب وهؤلاء كثر وهم اكثر الكتاب تمسكا بوجودهم ككتاب سواء بالنشر او بالحضور والغريب انهم ابدا لا يشكون ولو ثانية انهم مجرد صنيعة ناس لا تفهم بالكتابة .... 

وكتابة هؤلاء تشبه الغبار تختفي اثارها سريعا مجرد مسحها، اي تقرأ ثم ... لا يلبث مما تقرأ شيء لكن تبقى حقيقة بساطة هذا الكاتب الفكرية وضحالة تفكيره ويظهر ذلك في سلوكه وكتاباته وفي كلامه او محاوراته.... 

يبقى هناك الكاتب الحقيقي الذي يتعثر في هذه الحياة فالبعض يصمت، والبعض يفكر في جدوى كتابته وهناك من احرق كتاباته وهناك من تخلى عن حياته واخرون لم ينالوا حقهم في الشهرة وبعضهم ينشر ويكتب ولكن القارئ نادر ....

منذ اربعين سنة او اكثر كانت الكتابة لها مكانة عالية وكان الكاتب له احترامه يحترمه الناس ويحترم نفسه ويقدر كتابته واثرها ... كان للنشر قيمته وللنقد مكانته... ترى هل الانحدار الذي حدث نتيجة طبيعية لانحدار الحياة ذاتها نحو الفوضى واختفاء القيمة الحقيقية للاشياء والاصالة في كل ما يحيط بنا ؟ ربما ....

الجمعة، 17 يناير 2020

محدثي الكتابة فاقدي نعمة الابداع

من المؤسف جدا أن العالم كله يسير نحو تسطيح رهيب في العقلية والأفكار حتى أصبحت الأشياء لا قيمة لها ....في أمسية حوارية مع الشاعر "يوسف أبو لوز" ذكر ان كثير من المبدعين توقفوا عن الكتابة واختفوا عن الساحة الأدبية منذ سنوات وذكر عدد كبير من الأسماء بل انه اعترف انه لم يكتب شعرا منذ فترة طويلة باستثناء نصوص قصيرة وكتب أخرى وهذا في الحقيقة ليس غريبا
حيث ان هذا يلاحظه العديد من الكتاب والكاتبات في انفسهم او في زملائهم ويتوجب عليّ هنا ان اضع علامة عند هؤلاء الكتاب والكاتبات للقول انهم الأجيال التي سبقت جيل التسعينات وما بعدها ، الأجيال التي لم تنشأ مع "الفيس بوك" او "تويتر" وغيره من وسائل التواصل الاجتماعي، الأجيال التي لم يتأتى لها النشر بسهولة ويسر ولم تأت للكتابة الا بعد معاناة وحلم بعيد المنال يحتاج سعي واجتهاد وقراءة ومثابرة، الكتابة التي تنبع من الروح وتخرج وكأنها قطعة منها... فذلك جيل تعب وحاول واجتهد نال حظة او لم ينل... برز اسمه او لم يبرز ... فذاك الجيل عانى من التهميش ومن الشللية ومن النقاد "المنافقين" ومن ناشرين "ينشرون حقوقهم بمنشار الجشع ... عانوا من كثير من الأمور لكن كانت الكتابة موهبة وعمل جاد وسواء كانت هذه الموهبة تستحق ان يطلق عليها ابداع او احتراف او مهنية ...الخ الا انها تتميز باجتهاد ما..
 
لكن لنعد الى عنوان هذه المقالة او "حفنة النور" ...الى "محدثي الكتابة" فهم يشبهون تماما محدثي النعمة والذين فجأة حصلوا على ثروات لسبب او اخر فلاهم اهلا للثروة ولا هي تليق بهم...المبدع الحقيقي اول ما يمتاز به من وجهة نظري هو "التواضع" والتأني في النشر والمثابرة وإصدار كتابات ذات قيمة حقيقية ....محدثي الكتابة بعكس ذلك تماما
 
اقتربت من احداهن في احدى الامسيات والتي لم ارها من قبل في الاتحاد فقالت بأنف مرفوع "لدي تسع إصدارات" وانا "عضوة بالاتحاد"... اسم لم اسمع به من قبل ووجه يبدوا في الثلاثينات ... ابتسمت في سري وتذكرت انطباعي حين وجدت  حلقة كبيرة جدا في منتصف معرض الكتاب تعرض الكتب كما لو كانت تعرض خضار او تماما كما يحلو لي التسمية "سوق سمك" حاولت يومها ان اطلع على العناوين او الأسماء... كلها أسماء تجارية ...روايات... أسماء لم اتعرف على أي منها....
 
وللحق انني قرأت بعضا منها عن طريق اهداء او صدفة لسبب او اخر...كلها حكايات لا تهتم سوى بالحدث الذي يشبه أفلام هذه الأيام لا بناء للشخصيات، لا عناية بالمكان ولا بالزمان، لا خلفية تاريخية والاسوأ  لغة سطحية او مفتعلة ....
 
إضافة الى إصدارات هي عبارة عن تجميع "بوستات" أي ملاحظات  او "تغريدات" على وسائل التواصل الاجتماعي تشبه كثيرا ما كنا نكتبه صغارا ونحن في  العاشرة او التاسعة من العمر في "بريد القراء" واحيانا اجد ما كان يكتب في ذلك الزمن ارقى وافضل بكثير...
 
من المؤسف ان هذا الغثاء سيخفي للأسف مواهب حقيقية ظلمها تواجدها في هذا الزمن الذي يتميز بالركاكة في مجمله... من المؤسف أن كثير من الأقلام الحقيقية صمتت ولعل صمتها يحتاج وقفة في مقالة أخرى فالاسباب عديدة ومنوعة وقد يكون كثير منها متعلق بهذا الزمن ...
 
من المؤسف أنني بت ادخل معرض الكتاب ولا اجد ما يلفت نظري الا فيما ندر ....وان كثير من الكتب لا تستحق ثمن الورق الذي نشرت به... وربما لهذا السبب عمدت بعض دور النشر - التي تحترم نفسها عوضا عن ان تسمح "لمحدثي الكتابة" ان يقللوا من قيمة عملها في النشر لسنوات -الى إعادة نشر الكتابات القديمة لهذا نرى طبعات جديدة لكتب قرآناها ونحن في مقتبل العمر مثل الدون الهادئ واحدب نوتردام ومائة عام من العزلة وغيرها الكثير من الكتابات المبدعة ....
 
هل تجنيت على احد ؟؟؟ لا اعتقد لكني متأكدة ان هذا الزمن ليس زمن القيم الحقيقية والكتابة الحقيقية وانه زمن اهتز به كل شيء وأصبحت الكتابة سوق رائجة تماما مثل سوق الخضار الا ان الخضار تفيد في بناء الجسم والعقل وسوق الكتابة الحالية لا تفيد بشيء سوى المزيد من التسطيح والسخافة ...

السبت، 30 ديسمبر 2017

الكتابة بعيدا عن الاضواء والمريدين والشطارة الاعلامية الكتابة بعيدا عن الفوضى الحالية في النشر ومواقع التواصل والمعارف واستغلال "جنس الكاتب او الكاتبة" ليحظى بفرص مختلفة، الكتابة بعيدا عن الكواليس بكل الوانها ودرجاتها ، الكتابة مجهود وليس مجرد خيال وهنا اتحدث عن الرواية، الرواية العربية للاسف من واقع كثير من القراءات التي تدفعني كل مرة بعيدا عن الانفاق على الرواية سواء بالمادة او الوقت... الرواية العربية دائما تعتمد على العلاقات والحدث والخيال لا اكثر، تبدأ وتنتهي بين صفحتي الكتاب لا تبقى معي طويلا فالعلاقات الانسانية والاجتماعية لم ترتفع بالرواية العربية - طبعا بلا تعميم - الى مستوى مرتفع لانها بقيت في حدود مأمونة فإن تجازوتها تجاوزتها بطريقة المحاكاة وهي عند بعض الكتاب الشباب الذين استغرقتهم السينما الاجنبية والهندية وربما هذا حكم قاس ولكنه وليد قراءة متأنية .... واقدر ان هذا كله يعود الى الرغبة بالنشر والشهرة بسرعة تماما كتلك التجربة التي علمتني الكثير وكنت اجري كاخر عضو في جري التتابع للوصول الى الهدف ولان النهاية كانت قريبة لكنها بحاجة لطيران ولان الجاذبية كانت اقوى مني سقطت وجرحت ركبتي....هذا تماما ما يحدث مع الروائي/ الروائية العربية طبعا باستثناء تجارب قليلة جدا لفتت نظري ولعبت على البعد النفسي للشخصيات وهنا اتذكر رواية "الشيء الاخر او من قتل ليلى الحايك" لغسان كنفاني فالرواية لم تكتب للبحث عن اجابة لسؤال الرواية "من قتل ليلى الحايك" ولم تكتب كرواية بوليسية صغيرة وانما كتبت لمراقبة تلك الصدف القاتلة التي نقف حائرين حولها، ولانني لست بصدد التحدث عن هذه الرواية وانما اوردتها كمثل ...
عندما تكتب الرواية عليك ان تبذل مجهودا كبيرا ان تبحث وتقرأ وتعيش الحكاية والاحداث قبل ان تكتبها، ان تقدم للقارئ تاريخ تنشئه بنفسك، في رواية ك"نداء الملاك " لغيوم بيسوا من الصعب ان لا تفكر انك تستطيع ان تمر بالاماكن التي تحدثت عنها الرواية ومن الصعب ان تعتقد ان الشخصيات ليست حقيقية فكمية المعرفة التي قدمتها الرواية لشخصية "الشيف" او "بائعة الزهور" تجعلك تشعر ان هؤلاء الاشخاص تعرفهم وتستطيع ان تقابلهم، وهذا بالطبع مجهود الروائي، الذي بحث واخذ خبرة بشأن الطبخ او الزهور او حتى الاماكن والطقس ...الخ، وهذا ايضا مثل بسيط يحضرني لان هذه الرواية ورواية الشيء الاخر قرأتهما الاسبوع الماضي  ليس الا ولكن هذا الرأي لم يكن وليد قراءة عابرة او قصيرة ولكنه رأيي تراكمي عززته كل رواية قرأتها اجنبية "بصرف النظر عن بلد الكاتب" وكل رواية عربية "بصرف النظر عن البلد ايضا.... طبعا هناك استثناءات مثل ثلاثية غرناطة لرضوى عاشور والتي علمت انها عاشت فترة بغرناطة لكتابتها وهذه الرواية ايضا حضرت لانني بدأت قراءتها منذ ايام.... الرواية مجهود ثم مجهود ثم خيال يجعل القارئ يدهش من هذا العالم الذي انشأه الكاتب.... بعض الشباب يبدأون بالرواية مباشرة وتخرج لنا روايات كانها حكايات الجدة ولكن حتى حكايات الجدة لها جمال التلقائية والبساطة والرغبة في تسلية الاطفال او الاحفاد وفتح مغاليق الخيال واعطائهم بعدا اخر لهذه الحياة، ربما تلك الحكايات هي التي جعلت كثير من الكتابات تصل الى ما وصلت اليه ، لكن ان يبدأ كاتب بكتابة رواية ويجد لها ناشر ومريدين ...الخ وهي لا تقدم اي شيء فهذا ما جعل الكتابة تبدو كأي شيء اخر لا معنى له ولا جمال سوى انه يساهم في الانحدار الكبير الذي نعيشه.... انحدار ساهم به الكاتب / القارئ/ الناشر .... وكلهم بلا ضمير وان افترضنا حسن النية فهم بلا ثقافة وبلا رؤية تحاول ان تقدم اعمالا  جيدة تستحق الوقت الذي اصبح عزيزا جدا ويفر من بين ايدينا بسرعة البرق....

السبت، 25 يوليو 2015

مع المحبة :)

مع المحبة  والتقدير !!!!!


يصدف كثيرا أن ابدأ بقراءة كتابين معا وكثيرا ما فكرت بتلك الكاتبة التي شكرت احد اصدقائها لانها حصلت على فكرة روايتها تماما وهي تجلس معه دون أن يكون لحديثهما أي علاقة في موضوع الرواية .....

بدأت امس بقراءة كتاب جاء في مقدمته الجملة التالية

"شكر وتقدير ...
ومن ضمنها شكرا ل ... صانع الاحلام فإن لم تكن قد غرست بذور العظمة بداخلي، فمن المؤكد أنك قد جعلتني اكتشفها في نفسي فليباركك الله...."   وفي كتاب أخر خلا من الشكر والتقدير وانما جاء في "المقدمة .... أما وقد كان مشروعي هذا الذي أقدمه اليوم هو مشروع فردي قائم على مجهود فردي، أتمنى ان يكون خلا من العيوب الا القليل" .....

نعم الكتاب الاول مترجم لكاتب اجنبي والحق يقال انني من النادر ان اقرأ كتابا مترجما عن الاجنبية أو باللغة الانجليزية ولا اجد "شكر وتقدير" حتى الكتب الادبية التي تقدم عمل ادبي بالذات الرواية ... بينما الكتاب الثاني هو كتاب عن الادب العربي ....
دائما ما كنت اتساءل ان كانت الطبقة المثقفة في بلادنا العربية (طبعا باستثناء قلة قليلة) هي التي قادت هذا المركب الضخم الى ما نحن فيه حاليا ....(لقد غرس مركبنا بالرمل ولم يعد يبحر لابعد من بحار الدم)....

ونظرا لعدد الكتاب والكاتبات الذين فرضوا انفسهم على الاخرين دون موهبة  ودون قدرة على الكتابة سوى رغبتهم أن يكونوا من فئة (الكتاب والشعراء) وسلاحهم (مجموعة مريدين لا يعرفون عن الادب والشعر شيئا ويبدوا لهم أن كل مجموعة من الكلمات تشكل شيئا جميلا) وطبعا وسائل النشر المتوفرة (الفيس بوك بشكل خاص وتويتر وتوابعهم) اضافة الى (المجاملات التي تؤدي الى وصول كتاباتهم الى النشر الورقي الذي يملكه مرضى القلوب بالنسبة للنساء ....ومرضى النفوس الذين يضحون لاجل المال بأي شيء)....

ونظرا للانانية التي تفشت في هذه الطبقة التي من المفترض انها (طبقة مثقفة) حتى اصبحت الطابع العام لها وهو ما يبرر ما يلحق بها من سلوكيات غريبة قد تصل الى حد العداء العام لاي شخص ينتقد ولو بشكل طفيف  أي عمل  حتى لو كان لا يرقى لعمل جميل وادبي راقي... 

اقول نظرا لكل هذا اجد انه من الطبيعي غياب (الشكر والتقدير) وغياب الاعتراف بالفضل لاي شخص مهما كان ... واجد انني علي ان اقدم لهم التقدير (تلك الثلة من الانانين والانانيات) لكتابتي هذه الحفنة من النور.....

الأحد، 27 فبراير 2011

هل ستمارسون الحب هذه الليلة ؟؟؟"


قد يكون السؤال صادما او مستفزا لكنه سؤال بريء أؤكد لكم ... بل ويحمل ربما نوعا من السذاجة والحشرية .... ولكنه أول سؤال خطر لي أن اسأله للناس الذين ينتقدون شاعرا ينشر قصيدة حب في زمن "الثورات العربية" وكأنهم يعيبون عليه أن يكتب مشاعرا واحاسيسا نبيلة في زمن يموت فيه الناس ...رغم أن الناس تموت كل يوم ورغم ان الدم يراق على مدار الساعة ... بل أن الحروب والغزوات وحتى الانكسارات لم تمنع الناس يوما من الحب ومن الزواج ومن المضي قدما في الحياة ...لم تمنع ابن حزم ان يحتفي بكل انواع الحب حتى تلك التي قد لا يصدقها عقل .... المجازر في المخيمات لم تمنع الناس من التناسل لم يتوقف الحب يوما في فلسطين رغم أن الدم لم يتوقف بالتواز أيضا ... فهل يعيب الشاعر أن يقول قصيدته ؟؟؟ هل يعيبنا أن نفكر أن بعد مائة عام من الان لن يبقى منا جميعا حتى من ولد حديثا أحد ؟؟؟؟ لا. الموت ليس سيئا بالدرجة التي نظن لكن ما عبدنا له في موتنا من حياة هو المهم ..... نحن لا نبحث عن الموت لاجل الموت بل لاجل الحياة والثورات احتفاء بالحياة كما الشعر والحب وكل شيء جميل.... "إن قامت الساعة و في يد أحدكم فسيلة , فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها " اليست القصيدة فسيلة جميلة ؟؟؟ فإن كان الحديث يدعو لغرس ونحن على اعتاب القيامة فلماذا لا نفعل ونحن على اعتاب تغيير لا ندري ما مداه ؟؟؟؟

الخميس، 13 يناير 2011

رائحة الكتابة ....



حين أقرأ فأنا بالضرورة .... أتفاعل مع آخر حتى لو كان ذلك الآخر هو الكون ....الكتاب الطبي يجعلك على معرفة بألم ما... بأمل ما...الكتاب التاريخي أو .. لكن ماذا عن الكتاب الأدبي ؟؟؟ هو أيضا تفاعل مع آخر لكن آخر ربما متشعب ومنفصل عنك ومتصل بك وبالمعنى العميق للكلمة وبالكلمة التي هي معجزة يومية .....

حين أتحدث عن الآخر (الكاتب) أقصد بالطبع إنساناً حقيقياً يكتب من ذاته ويريق ذاته على أوراقه وليس ذلك الذي يكتب من فضاء كلمات يقرأها ومن قصص يسمعها ...إلخ.... إراقة الذات على الأوراق صعبة جدا وقاسية وتورثك الكثير من التعب ولهذا تجدها قليلة ونادرة فيلجأ الكاتب في كثير من الأحيان إلى النجاة نحو الدخول في عوالم ليست عوالمه ويأخذ ما يستطيع مما يقرأ مما يتفاعل معه بل أن البعض يدخل في تجارب حتى يكتب فتكون تلك التجارب معينه الذي يستند عليه ليعطينا ما هو ملتبس مع ما قلته عن إراقة الذات وهذا لايعرفه إلا من عاش هذه التجربة ...تكون الكتابة أحيانا عري كامل أو جزئي.... ذلك العري الذي يجعلنا نعرف انفسنا الحقيقية.... لكن أين هي تلك الكتابة ومن يقترفها باخلاص ومن يحاول دون أن يستطيع ومن يحاول ان يستر نفسه بورقات توت اللغة المجازية وانحيازات لغوية تبعث الاعجاب.... عندما اقرأ كتابة ... أي كتابة (شعرا، قصة، خاطرة أو حتى مذكرات ...) أي الكتابة الأدبية بشكل عام فإن لم تعجبني لا مشكلة فليس اسهل من ان ترمي من ذاكرتك ما لم يعلق بها أصلا، أما تلك الكتابة التي تثير اعجابي فأقرأها عدة مرات لاكتشف ما يتبقى منها فإن تبقى منها لغة جميلة ... اعرف ان صاحبها يجيد استخدام اللغة ...وهكذا فكرة او لغة او .... ولكن هناك كتابات يتبقى منها ألم وحرقة قد لا يشعر بها احد غيري.... ولا يكون مصدرها فقط ما اقرأ ولكن هناك كتابات كالجسد له رائحة خافته مميزة لا ينتبه لها الكثيرون لان البعض يقدم تمويها لها بعطور باريسية رائعة ..... رائحة الكتابة تشبه رائحة الجسد....رائحة يكتشفها الطفل فيعرف أمه...... الكتابة الحقيقية كتابة رائعة وجميلة ليس فيما تقول بل فيما تحدثه من أثر ومن حريق ومن وعي في داخل القارئ.....

السبت، 19 يوليو 2008

الكتابة النبوءة


عندما حاولت الكتابة للمرة الاولى كنت كطفلة تلعب بالماء، كلما رمته بحصاه ابتسمت برضى لدوائر الماء وتشكيلاته... لكن الدرب لم يكن محفوفا بالورد رغم ان الماء لم يغب عنه لحظة واحدة ...

ترى هل تكون الكتابة فعل نبوءة حقيقية ؟ لا تدرك ذاتها لكنها تقال حين يُراد لها أن تُقال؟؟ عندما قرأت نصا كنت قد كتبته منذ سنوات بعيدة صدمت وانا اتابع تفاصيله بذهول ... كيف انطبقت عليه الحياة وكانه رؤية عبرت الزمن لتقول ما تريد ؟؟؟ هل تستطيع الكتابة أن تقرأ أرواحنا ؟؟؟ تقول تاريخنا القادم؟؟؟ ما هو القاسم المشترك بين النبي والكاتب الحقيقي ؟؟؟؟ وكلاهما لديه وحيه الخاص والهامه وكلمته التي يختص بها... الكلمة الأولى لم تكن صدفة (اقرأ) الكلمة الأولى هي التي تبث في الكثيرين ما يجهلونه من دروب فهي تكشف لنا الباب لنتقدم...عندما يقرأ الكاتب الحقيقي ينسى بسرعة وعندما يقرأ الكاتب المزيف يبقى في الذاكرة ما قرأه ليعيد انتاجه لهذا نرى الوجوه الكثيرة لكتاب فنرميهم بصفات هي ليست لهم ولا تعنيهم إلا بالقدر الكافي الذي يجعلهم يعيدون انتاج ما قرأوه...

هل كانت "مارجريت دوراس" أم غيرها التي ذكرت أنها لا تتورع عن شكر انسان اوحى لها بفكرة حتى لو كانت بسبب الهواء الذي نثره حولها فاعطاها متنفسا للكتابة ؟؟؟ لماذا لا يعترف الكاتب بفضل ما قرأه او من اوحى له بالكتابة ؟؟ هل لان الكاتب المزيف محترف باخفاء الحقائق واعادة انتاجها ....
مالذي تبقيه الحياة منا بعد زوالنا ؟؟؟ هل تصمد صرخاتنا المأسورة ؟؟ وماذا عن تلك التي لازالت حرة ؟؟؟ عندما أقول في صحيفة ما (أحبك) ثم أتركها تائه بلا اسم وبلا (أنت) هل تعني شيئا ما لآخر ؟؟؟ ومن هو ذلك الاخر ؟؟؟ لماذا إذا يبقى لتلك الكلمة سحرها ؟؟؟

عندما خططت كلمتي الاولى في وجه الزيف قلت سأكتب عن الحب والحرية والجمال.... لكن الحب يتحول في كثير من الاوقات إلى ماء يتسرب سريعا في ارض جافة يتوه عن نفسه ولا يبقى منه سوى بشاعة الجدب ... لانه (الحب) كلمة اخذت عنوة من نقائها والبست ما ليس لها .... كلما كررناها تلاشت .....

ماذا عن (الحرية) تلك التي أصبحت في كثير من الأحيان جسدا رخيصا... لغة بذيئة أو حتى اختلاف لوجه الاختلاف لا أكثر ؟؟؟؟ ثم أين هو (الجمال) في عالم يزداد قبحا ؟؟؟ أين الكاتب الحقيقي في هذا الزمان واين فعل النبوءة ؟؟؟؟ ماذا كنت اكتب في بداية الكتابة ؟؟؟ في بداية الطريق ؟؟؟ وكيف اصبحت الان وبعد كل تلك السنين؟؟؟ أين الماء في لغتي ؟؟؟

اين النبوءة التي أخذت أصابعي لتقول .... في البعيد أراني قبل أن اولد وبعد أن اموت ... أحلم بالصرخة ... تلك التي تبعث قلبي نبضا سويا ؟؟؟؟ انفقخ في الصور واعلن قيامتي.... أين هي الكتابة النبوءة ؟؟؟ وأين هو الكاتب النبي ؟؟؟؟