الخميس، 13 يناير 2011

رائحة الكتابة ....



حين أقرأ فأنا بالضرورة .... أتفاعل مع آخر حتى لو كان ذلك الآخر هو الكون ....الكتاب الطبي يجعلك على معرفة بألم ما... بأمل ما...الكتاب التاريخي أو .. لكن ماذا عن الكتاب الأدبي ؟؟؟ هو أيضا تفاعل مع آخر لكن آخر ربما متشعب ومنفصل عنك ومتصل بك وبالمعنى العميق للكلمة وبالكلمة التي هي معجزة يومية .....

حين أتحدث عن الآخر (الكاتب) أقصد بالطبع إنساناً حقيقياً يكتب من ذاته ويريق ذاته على أوراقه وليس ذلك الذي يكتب من فضاء كلمات يقرأها ومن قصص يسمعها ...إلخ.... إراقة الذات على الأوراق صعبة جدا وقاسية وتورثك الكثير من التعب ولهذا تجدها قليلة ونادرة فيلجأ الكاتب في كثير من الأحيان إلى النجاة نحو الدخول في عوالم ليست عوالمه ويأخذ ما يستطيع مما يقرأ مما يتفاعل معه بل أن البعض يدخل في تجارب حتى يكتب فتكون تلك التجارب معينه الذي يستند عليه ليعطينا ما هو ملتبس مع ما قلته عن إراقة الذات وهذا لايعرفه إلا من عاش هذه التجربة ...تكون الكتابة أحيانا عري كامل أو جزئي.... ذلك العري الذي يجعلنا نعرف انفسنا الحقيقية.... لكن أين هي تلك الكتابة ومن يقترفها باخلاص ومن يحاول دون أن يستطيع ومن يحاول ان يستر نفسه بورقات توت اللغة المجازية وانحيازات لغوية تبعث الاعجاب.... عندما اقرأ كتابة ... أي كتابة (شعرا، قصة، خاطرة أو حتى مذكرات ...) أي الكتابة الأدبية بشكل عام فإن لم تعجبني لا مشكلة فليس اسهل من ان ترمي من ذاكرتك ما لم يعلق بها أصلا، أما تلك الكتابة التي تثير اعجابي فأقرأها عدة مرات لاكتشف ما يتبقى منها فإن تبقى منها لغة جميلة ... اعرف ان صاحبها يجيد استخدام اللغة ...وهكذا فكرة او لغة او .... ولكن هناك كتابات يتبقى منها ألم وحرقة قد لا يشعر بها احد غيري.... ولا يكون مصدرها فقط ما اقرأ ولكن هناك كتابات كالجسد له رائحة خافته مميزة لا ينتبه لها الكثيرون لان البعض يقدم تمويها لها بعطور باريسية رائعة ..... رائحة الكتابة تشبه رائحة الجسد....رائحة يكتشفها الطفل فيعرف أمه...... الكتابة الحقيقية كتابة رائعة وجميلة ليس فيما تقول بل فيما تحدثه من أثر ومن حريق ومن وعي في داخل القارئ.....

ليست هناك تعليقات: