السبت، 30 ديسمبر 2017

الكتابة بعيدا عن الاضواء والمريدين والشطارة الاعلامية الكتابة بعيدا عن الفوضى الحالية في النشر ومواقع التواصل والمعارف واستغلال "جنس الكاتب او الكاتبة" ليحظى بفرص مختلفة، الكتابة بعيدا عن الكواليس بكل الوانها ودرجاتها ، الكتابة مجهود وليس مجرد خيال وهنا اتحدث عن الرواية، الرواية العربية للاسف من واقع كثير من القراءات التي تدفعني كل مرة بعيدا عن الانفاق على الرواية سواء بالمادة او الوقت... الرواية العربية دائما تعتمد على العلاقات والحدث والخيال لا اكثر، تبدأ وتنتهي بين صفحتي الكتاب لا تبقى معي طويلا فالعلاقات الانسانية والاجتماعية لم ترتفع بالرواية العربية - طبعا بلا تعميم - الى مستوى مرتفع لانها بقيت في حدود مأمونة فإن تجازوتها تجاوزتها بطريقة المحاكاة وهي عند بعض الكتاب الشباب الذين استغرقتهم السينما الاجنبية والهندية وربما هذا حكم قاس ولكنه وليد قراءة متأنية .... واقدر ان هذا كله يعود الى الرغبة بالنشر والشهرة بسرعة تماما كتلك التجربة التي علمتني الكثير وكنت اجري كاخر عضو في جري التتابع للوصول الى الهدف ولان النهاية كانت قريبة لكنها بحاجة لطيران ولان الجاذبية كانت اقوى مني سقطت وجرحت ركبتي....هذا تماما ما يحدث مع الروائي/ الروائية العربية طبعا باستثناء تجارب قليلة جدا لفتت نظري ولعبت على البعد النفسي للشخصيات وهنا اتذكر رواية "الشيء الاخر او من قتل ليلى الحايك" لغسان كنفاني فالرواية لم تكتب للبحث عن اجابة لسؤال الرواية "من قتل ليلى الحايك" ولم تكتب كرواية بوليسية صغيرة وانما كتبت لمراقبة تلك الصدف القاتلة التي نقف حائرين حولها، ولانني لست بصدد التحدث عن هذه الرواية وانما اوردتها كمثل ...
عندما تكتب الرواية عليك ان تبذل مجهودا كبيرا ان تبحث وتقرأ وتعيش الحكاية والاحداث قبل ان تكتبها، ان تقدم للقارئ تاريخ تنشئه بنفسك، في رواية ك"نداء الملاك " لغيوم بيسوا من الصعب ان لا تفكر انك تستطيع ان تمر بالاماكن التي تحدثت عنها الرواية ومن الصعب ان تعتقد ان الشخصيات ليست حقيقية فكمية المعرفة التي قدمتها الرواية لشخصية "الشيف" او "بائعة الزهور" تجعلك تشعر ان هؤلاء الاشخاص تعرفهم وتستطيع ان تقابلهم، وهذا بالطبع مجهود الروائي، الذي بحث واخذ خبرة بشأن الطبخ او الزهور او حتى الاماكن والطقس ...الخ، وهذا ايضا مثل بسيط يحضرني لان هذه الرواية ورواية الشيء الاخر قرأتهما الاسبوع الماضي  ليس الا ولكن هذا الرأي لم يكن وليد قراءة عابرة او قصيرة ولكنه رأيي تراكمي عززته كل رواية قرأتها اجنبية "بصرف النظر عن بلد الكاتب" وكل رواية عربية "بصرف النظر عن البلد ايضا.... طبعا هناك استثناءات مثل ثلاثية غرناطة لرضوى عاشور والتي علمت انها عاشت فترة بغرناطة لكتابتها وهذه الرواية ايضا حضرت لانني بدأت قراءتها منذ ايام.... الرواية مجهود ثم مجهود ثم خيال يجعل القارئ يدهش من هذا العالم الذي انشأه الكاتب.... بعض الشباب يبدأون بالرواية مباشرة وتخرج لنا روايات كانها حكايات الجدة ولكن حتى حكايات الجدة لها جمال التلقائية والبساطة والرغبة في تسلية الاطفال او الاحفاد وفتح مغاليق الخيال واعطائهم بعدا اخر لهذه الحياة، ربما تلك الحكايات هي التي جعلت كثير من الكتابات تصل الى ما وصلت اليه ، لكن ان يبدأ كاتب بكتابة رواية ويجد لها ناشر ومريدين ...الخ وهي لا تقدم اي شيء فهذا ما جعل الكتابة تبدو كأي شيء اخر لا معنى له ولا جمال سوى انه يساهم في الانحدار الكبير الذي نعيشه.... انحدار ساهم به الكاتب / القارئ/ الناشر .... وكلهم بلا ضمير وان افترضنا حسن النية فهم بلا ثقافة وبلا رؤية تحاول ان تقدم اعمالا  جيدة تستحق الوقت الذي اصبح عزيزا جدا ويفر من بين ايدينا بسرعة البرق....

ليست هناك تعليقات: